{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)}واعلم أنه تعالى لما شرح حال المنافقين في الفرار عن الجهاد بين أن حال الرسول والذين آمنوا معه بالضد منه، حيث بذلوا المال والنفس في طلب رضوان الله والتقرب إليه. وقوله: {لَكِنِ} فيه فائدة، وهي: أن التقدير أنه إن تخلف هؤلاء المنافقون عن الغزو، فقد توجه من هو خير منهم، وأخلص نية واعتقاداً، كقوله: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً} [الأنعام: 89] وقوله: {فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبّكَ} [فصلت: 38] ولما وصفهم بالمسارعة إلى الجهاد ذكر ما حصل لهم من الفوائد والمنافع. وهو أنواع: أولها: قوله: {وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الخيرات} واعلم أن لفظ الخيرات، يتناول منافع الدارين، لأجل أن اللفظ مطلق. وقيل: {الخَيْرَاتُ} الحور، لقوله تعالى: {فِيهِنَّ خيرات حِسَانٌ} [الرحمن: 70].وثانيها: قوله: {وأولئك هُمُ المفلحون} فقوله: {لَهُمُ الخيرات} المراد منه الثواب. وقوله: {هُمُ المفلحون} المراد منه التخلص من العقاب والعذاب.وثالثها: قوله: {أَعَدَّ الله لَهُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا} يحتمل أن تكون هذه الجنات كالتفسير للخيرات وللفلاح، ويحتمل أن تحمل تلك الخيرات والفلاح على منافع الدنيا، مثل الغزو، والكرامة، والثروة، والقدرة، والغلبة، وتحمل الجنات على ثواب الآخرة و{الفوز العظيم} عبارة عن كون تلك الحالة مرتبة رفيعة، ودرجة عالية.